ترندينج

العنف المنزلى ضد نساء السودان … أرقام وحكايات صادمة

04:34 م

الثلاثاء 25 مايو 2021

محامية: معظم النساء اللائى يتعرضن للعنف نساء متعلمات وعاملات

الشرطة: أكثر من عشرين بلاغ عنف ضد المرأة يومياً وستمائة بلاغ شهرياً وسبعمائة وعشرين الف سنوياً

د. بلدو: العنف ضد المرأة تحول للإ نتقام وتشويه الوجه والجسد

سيدة: زوجى يضربنى لأتفه الاسباب ولاأريد شئى سوى الطلاق

السيدة (...)زوجى على علاقة بصديقة عمري وعندما فاجأته شوه جسدى بالضرب

من الملاحظ والملفت إزدياد حالات العنف ضد المراة فى الآونة الاخيرة وسط المجتمعات كافة، ووصلت العديد من قضايا العنف إلى ساحات القضاء وأقسام الشرطة سيما وان الرجل الشرقى يعتبر المرأة مثل (سقط المتابع) الذى لافائدة منه ،بالإضافة إلى الإضطهاد الذي ظلت تُعاني منه حواء السودانية حتى من قبل الزوج من قِبل الأب و الأخ وهناك الكثير من الحالات التى قابلتنى ،أو سمعت بها مما دفعنى لإجراء هذا التحقيق الصحفي الصادم الذي تجولت خلاله فى العديد من ساحات المحاكم وأقسام الشرطة وخرجت بحصيلة صادمة للغاية من الحالات.

تحقيق :ضفاف محمود

الضرب المبرح

وئام سيدة عشرينية يظهر على محياها الحزن والكآبة من خلال مظهرها البائس، تحمل أورنيك ثمانية فى يدها اليسرى ،بينما كانت اليمنى ملفوفة بالشاش جراء الضرب المبرح الذي تعرضت له من قبل زوجها كما ذكرت لي، وذلك عندما علمت عن طريق الصدفة بأنه يقيم علاقة مع إحدى صديقاتها عندما وجدت رسائل خادشة متبادلة بين صديقتها وزوجها الذى لم تتوقع منه أن يخونها يوماً لأنها تزوجته عن قصة حب دامت لأكثر من ثلاث أعوام ،وتوجت بالزواج.

قالت وئام "ألجمتني الدهشة وأخذت قراري بأني لن أصمت على هذه الكارثة تناقشت معه في ذلك ولم يكلف نفسه أن يبرر موقفه ،أو يعتذر عما بدر منه من خطأ فادح إرتكبه في حقى، بل إنهال علي بالضرب المبرح فى أنحاء متفرقة من جسدى ، مما دفعنى لتدوين بلاغ فى مواجهته تحت نص المادة (139) أذى جسيم بموجب أورنيك ثمانية وبعدها سيتم تحويل البلاغ الى المحكمة الشرعية كما قال لي المحامي ،ومن ثم طلبت الطلاق تحت مادة الضرر" واضافت بقولها" لدى طفلة ستكون ضحية للصراع بينى وبين والدها "وذكرت محدثتى ليس هذه المرة الاولى بل ،تكرر الأمر عدة مرات وبلغ السيل الذبا لذلك ليس لها خيار سوى الطلاق ،فهو الحل الوحيد لينقذها من العنف الجسدى واللفظي المتكرر من سنوات. تركت وئام وغادرت الى مصادر أخرى لمعرفة أسباب العنف ضد المرأة.

من الواقع

هناء زميلة دارسة وتربطنى ، بها علاقة صداقة حيث علمت بقصتها التي أقرب الى الخيال من الواقع ،قالت هناء ان زوجها أصبح غير مكترث لبيته وأطفاله وكثير الخروج وعندما تحدثت معه وبخصوص غيابه المتكرر رد بأنه مشغول بأعماله الخاصة وليس لديه وقت للنقاش حول موضوع ليس له أهمية وتواصل الأمر لعدة أشهر ولم يتغير حاله فأصبح يثير معي المشاكل لأقل الأسباب ،قالت فألتمست له العذر ،ربما يكون مشغول بشركته الجديدة ولكن حدث مالم يكن فى الحسبان عندما اتصلت على سكرتيرته الخاصة وقالت أنها حبلى من زوجي ،فأحسست بأن الدنيا تدور من حولى ،استعدت توازنى واتصلت بها أكدت لي الخبر وقالت انها فى الشهر الثانى وزوجي سيعقد قرانه عليها ،عندما عاد الى المنزل فاجأته بالخبر فكانت ردة فعله غير متوقعة لدى ولم ينكر الأمر وقال لي انه رجل وله الحق أن يفعل مايشاء تحت مسمى الرجولة ،وضربنى ضرب مبرح ،حتى أُصبت بكسور ورضوخ ،بالإضافة الى الاساءة لي ولأسرتي بألفاظ نابئة يعف اللسان عن ذكرها ،ولم يكن أمامها سوى الذهاب لأقرب قسم شرطة وفتح بلاغ جنائي فى مواجهته.

رأي القانون

قال المحامي عبدالعظيم حول قضايا العنف ضد النساء ان أغلب العنف يُمارس ضد الزوجة على وجه الخصوص من جانب الزوج ويظهر ذلك جلياً فى دعاوي الطلاق للضرر، وتبدأ القضية بدعوة جنائية وتتحول الى شرعية وأغلب قضايا العنف نتاج طبيعى لإختلاف الأزواج فيما بينهم بجانب الضغوط الاقتصادية ،أو عدم التكافؤ وعندها يلجأ الزوج لإستخدام العنف ويبين أن أغلب الدعاوي تتركز حول العنف الجسدى واللفظي والتحرش بالمرأة ويقول خطف حقائب النساء يندرج فى طائلة العنف ولفت الى وجود سوابق قضائية ،سواء كان فعلا ماديا، أو التفوه بألفاظ نابئة أو التشكيك في سلوكيات الزوجة ويضيف كلما تطور العصر تطورت الوسائل وأشار الى قضية حدثت بمدينة أم درمان ويقول انه تم تدوين جنائي من قبل زوجة بقسم الحتانة وتشير حيثيات البلاغ، إلى أنه عندما وجد الزوج زوجته تستخدم التلفون ،قام بضربها وهشم التلفون ودونت الزوجة بلاغاً تحت مادتي التلف والأذى الجسيم ،وتم تحويل الدعوى الى المحكمة الشرعية ،بجانب سابقة قضائية ،حدثت فى مطلع سبعينات القرن الماضى تم رفعها من قبل الزوجة لإساءة العشرة ،والضرب المتكرر والاساءة التى لاتطاق ،ولاتدوم معها الحياة الزوجية ،وأخيراً ضربها بالعكاز وقص شعرها و اتهمها بالزنا مع رجل معين والسرقة بالإضافة الى سابقة قضائية شهدتها محلية جبل أولياء ،وتتلخص فى انه عندما ذهب الزوج لدار الافتاء وطلب الرجوع الى زوجته ،رفضت بحجة الضرب المتكرر ،وفى يوم الحادثة جاء الى منزل ذويها واستغل غيابهم و قام بضربها وتوثيقها بالحبال واغتصابها واثناء عملية الاغتصاب قام بخنقها ولقيت مصرعها على يد زوجها. كل هذه سوابق قضائية تؤكد على ان العنف المنزلى ضد النساء هو ظاهرة قديمة وليست حديثة فى المجتمع السودانى .

رصد البلاغات

وبسؤالنا فى أقسام الشرطة عن حالات العنف ضد المرأة والبلاغات الواردة بخصوصه علمنا أنها بواقع عشرين الى خمسة عشر بلاغ يومياً ،ترد الى أقسام الشرطة غير الحالات المسكوت عنها. أي بواقع ستمائة بلاغ شهريا ،بحسب الرصد والاحصائيات التى بحثنا عنها من داخل أقسام الشرطة بالولاية بمدنها الثلاث.

الطب النفسى

وحول اسباب العنف يقول البروفسير ،على بلدو استاذ الطب النفسى انه منذ انجاب البنت فى الولادة الاولى تبدو ملامح الامتعاض على الزوج ،وتقليل البقشيش للقابلة ،مثل اظهار عدم الفرحة واختصار طقوس السماية ،واطلاق عبارات على شاكلة (بكرت ببنت)وذلك فى حد ذاته يعتبر مظهر من مظاهر العنف ضد المرأة ،فى المجتمع السودانى والشعور بالخوف لذلك تختن حواء السودانية خوفامن العار ،وبحثا عن العفة والشرف وهذا تشويه نفسي وجسدى وكل هذه الاشياء تندرج ،فى ايطار أجبار المرأة للانصياع لذكور زد علي على ذلك زواج ،زواج القاصر الذى ويعتبر عنفا نفسيا،خوفا من الفضيحة ونجد ايضا ،البيت السودانى عنيفا من ناحية باب الرجل الذى يتميز بالكبر عكس باب النسوان ودائما نجدالرجال ،يمارسون الدونية ،على الرجل رقيق القلب ويشبهونه بالنساء بل يقولون أنه (تربية نسوان)كمانجد ان الامثال الشعبية تندرج فى خانة العنف ،مثل (جمل ام الحسن لاقيد لارسن)والمرا شاورا وخالفا ،(والمرا كان بقت فاس مابتشق الراس والطبيبة ام حمد كلها أمثال شعبية للتقليل من شأن المرأة

كماتعاني المرأة من التدقيق ،فى نسبها وأصلها فى حالة تقدم أحدهم للزواج منها وكذلك التحرش بالمرأة كماتعانى حواء السودانية من نظرة ،الإستهجان حال قيامها بأعمال تعتبر حكراً على الرجال ،مثل قيادة التاكسى ،او الشاحنة إضافة للعنف المنزلى والتعنيف ،والضرب وتعدد الزوجات وتحميلها مسؤولية الانجاب ، والجفاف العاطفى ،وكذلك ظاهرة المطاعنة ب (ياعاقر يابايرة بجانب السخرية وعدم أخذ رأيها فى موضوعات تخصها وهضم حقوقها ويقول بلدو توجد ثلاثون مادة فى الأعراف السودانية تقنن العنف ضد المرأة والتهكم على آراء النساء مثل حجوة ام ضبيبنة وامات طه ، فضلا عن اننا نجدالنساء السودانيات أكثر عرضة للأمراض النفسية ،من الرجال حيث نجد،ثلاث نساء مصابات بالإكتئاب مقابل رجل واحد ويلفت بلدو الى خطر داهم بقوله ان العنف ضد المرأة تحول للإنتقام وتشويه الوجه والجسد ،وفى حالات كثيرة يصل للقتل والاغتصاب وغيره

العنف امر شائع

وتقول الاستاذة فاطمة الامام المحامية ، المختصة فى ألاحوال الشرعية العنف ضد المرأة صار أمراً شائعا وأصبح بنسب أكبر ،وأكثر من السابق وان معظم النساء اللائي يتعرضن ،للعنف هن النساء ،المتعلمات والعاملات وتقول فى الخصوص انها ترافعت في عدد كبير من قضايا العنف بكافة اشكاله ومسمياته وان معظم قضايا العنف تصب فى إطار عدم التوافق في أشياء كثيرة من بينهاالإختلاف ،حول موضوع ما ،ومن هنا يثور الزوج ،ويبدأ الخلاف ويتحول لعنف جسدى ولفظي والى الضرب ،وتؤكد فاطمة أن هذا يندرج تحت البلاغات الجنائية بموجب أورنيك ثمانية ،ومن ثم يتم تحويل البلاغ الى المحكمة الشرعية وطلب الطلاق للضرر.

الخلاصة

تلك كانت حصيلة جولتنا ،التى قصدنا منها الوقوف على قضايا العنف ضد المرأة سواء فى المحاكم أو،أقسام الشرطة او غيرها. حيث سمعنا قصص تؤكد العنف الزوجى والمنزلى بشكل واسع. وماخفى أعظم. ولعل ذلك يبين لنا ضعف الإدراك لدى معظم الذين يمارسون العنف وهذا نقصان عقل لديهم وقلة الحكمة وتفسير خاطئ للدين تم خلطه مع مفاهيم مجتمعية. وحسب وجهات نظر تفسير أخرى فإن الإسلام حفظ للمرأة مستحقاتهاومالها. فضلا عن حقيقة ان مجتمعنا دائما يعنف المرأةوينظر اليها نظرة دونية تبرر العنف والاضطهاد.

اخر الاخبار