فيديوهات

من يستحق الجلد؟!

05:22 ص

الأحد 04 أبريل 2021

نشر بوساطة هادية حسب الله في حريات يوم 12 - 12 - 2010

……”بى رحمة رحمك أمى
تعالى لى … …..
الدنيا دى ضاقت علىّّ.. ……
ورحمك واسع بنادى على..
أبرك واصرّخ.. يمه .تعالى ..تعالى لىّ.. ……
احضن سوطى.. اقالد خوفى.. ……
يضج الفحيح…….
ينز كلو قيح.. ….
شقيقة همى.. ….
شريكة “بلاى”.. …
تشعر أساى…….
بتشبه بعض كل السياط ……
وصوتك صداى حتى الممات…..
ورود الرحم …..
سهر المنام .. بى ضرساً عنيد..يطير المنام..
“فتيل” الدواء بعيد المنال..
وقبل “الديوك” تنادى الصباح..
تزغلل عيونك “كسرة وملاح”..
بيجلدوا شوق لكسرة وملاح؟!!
وشوق الشنط لحبة فطور ولو عيشة حاف؟
بيجلدوا عارهم..
بيجلدوا خوفهم..
ثقافة “الظروف” وكل الحوافز..
بتشهد فلل نورن بلالاى…
ماجرحك بيضارى..
إنتفاخ الجيوب..
لابد يجرحوك..
لابد يجلدوك…..
“ليلة السهد المخيفة ..”


لم أفكر مطلقاً ماذا ارتكبت هذه الفتاة أوحتى من هى؟ لأن الألم الذى “جعرت” به حنجرتها كان أقسى من ان يصرف ذهنى عنه.. الذل الذى رأيته فى جسدها المتلوى تحت الأقدام أنسانى التساؤل عن هويتها.. صوت الضحكات والوجوه المترعة بالتشفى من جسد تتبادله السياط أقرفتنى وجعلت روحى “طامة” من الدخول بأى تفاصيل أو شروحات. الواقفين حول السور أرعبونى الى اى منزلق شعبنا ذاهب؟! صوت الفتاة وهى تستجير بأمها أخجلنى.. أبكانى..يالها من ليلة مترعة بغضبها وفزعها ..
ان عقوبة الجلد قد طبقت في فترات مختلفة من التاريخ البشري فقد استخدمت في عهد الرومان والاغريق والعصور الوسطى وحتى في فترة الاستعمار في العالم الجديد وأفريقيا وآسيا، كما كانت موجودة في الأديان اليهودية والمسيحية والإسلامية وبعض الثقافات الأخرى. ولكن لأنها كانت تشابه تلك الحقب التاريخية حيث العنف مطبع عبر نمط الحياة اليومية لم تكن عقوبة الجلد تبدو كتعذيب مثلما هى الآن وحالياً لا تطبق دول العالم هذه العقوبة والتي تدينها المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان حيث تعد حسب المواثيق الدولية تعذيبا، حيث خلصت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان العام 1997 إلى أن “العقوبات الجسدية (مثل الجلد) ترقى إلى عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، وحتى إلى التعذيب”.
ان محاكم النظام العام هى تحايل على قضاء نزيه وشفاف لأن الإنقاذ إستخدمتها لفترات طويلة لخدمة تصفية حساباتها مع خصومها وتهديدهم وابتزازهم بالسقطات البشرية. ونقاط الضعف التى ينفخون بها قبل الشيطان لتوسيعها بوجدان كل خصم سياسى لهم. لذلك تجاوزت هذه المحاكم الاجراءات الجنائية المنصوصة ولأنها محاكم تنظر فى قضايا تتعلق “بالسمعة” لذا فالمتهمين فيها قلما يلجأون للاستئناف او الابلاغ عن معاملة سيئة تلقونها اذ يسارعون “للملمة” الموضوع تجنباً “للفضائح” بالإضافة لان الحكم غالباً مايكون قد تم إنفاذه، اذ هى محاكم تحكم مباشرة فى قضاياها لذا لايوجد مايشجع المتضررين على الاستئناف
ان شريط الفيديو الذى هز وجدان كل صاحب ضمير ووجدان طبيعى جاء فى هذا التوقيت المحتقن ليؤكد اننا المشغولات بقضية المرأة لم ننشغل بسراب. فالظلم المضاعف الواقع على النساء هو انعكاس طبيعى لسوء السياسات على مختلف الأصعدة بدأ بالسياسات الإقتصادية التى أفقرت البلاد وأذلت الشعب السودانى فسقط الكثيرون والكثيرات تحت أحذية الرشوة والإختلاس والتسول و وباعت الكثيرات أجسادهن وانفتحت شرور الطمع والأنانية وإنفرط عقد الأخلاق السودانية وتبعثرت لؤلؤاته فى بالوعات نتنة…
فى هذا المناخ المتعفن فإن الخيارات الأقل أخلاقية تضع صاحباتها فى قائمة الضحية وليس الجلاد..شخصياً أفضل الموت جوعاً على الشبع من جسدى ولكن قابليات البشر على إتخاذ الأقوم والأصح متفاوتة أيضاً ومرتبطة بسلسلة تعقيدات لانهائية ورغم اننى الى الآن لم أعرف جريرة هذه الفتاة الا اننا وان تصورنا هذا الأفظع لن يستطع وجداننا – ان كان سوى- سوى التعاطف معها.. فالتقويم الأخلاقى لن يتم عبر التعذيب والدليل على ذلك الممارسة العملية للإنقاذ نفسها فطوال عشرين عاماً والإتقاذ ترفع صوتها بوجه الضحايا بدون نتيجة سوى زيادة مضطردة للتفسخ الأخلاقى.. لان المعالجة خاطئة..
ان أرادت الإنقاذ ان يعف الرجال والنساء يجب ان يتم هذا وسط عفاف تام فى كل مختلف الحياة السودانية فتعف الدولة عن تزوير إرادة مواطنيها في الانتخابات..وتعف الدولة عن حقوق مواطنيها فى العيش الكريم وحقوقهم السياسية والمدنية .. وتعف المؤسسات الحكومية عن الصرف البذخى.. وتعف الدولة عن تسليط أجهزة الأمن على أمن وكرامة مواطنيها ..وتعف الميزانيات من الصرف على الأمن والمراسم الرئاسية.. وتعف الأيدى عن المال العام.. وتعف الأرصدة عن الهجرة غرباً.. وتعف الألسن والصحف عن إثارة الأحقاد والعنصرية.. وتعف المنابر عن التكفير المجانى والهوس.. وتعف المستشفيات عن عويل الأمهات الملتاعات على فقد الصغار.. وتعف الشوارع عن المتسولين والمتسولات.. وتعف الأدراج الحكومية عن الرشاوى .. وتعف المدارس عن التلاميذ الذين مقاعدهم احجارو دون كتاب.. لكى تعف النساء على الإنقاذ فقط ان تخاف الله فى شعبها…
أكثر من مليون ونصف المليون فتاة تتعرض للجلد سنوياً ..تشفى ندوبهن ولكن يظل السوط حافراً لأخاديده بوجدانهن … فهل نتصور ان تنشىء هؤلاء مستقبل صحى لبلادنا؟ هل نتخيل من تم جلدها تستطيع ان تتؤام مع جرحها النفسى وتبرأ كرامتها وتربى أطفالها بقلب بارد؟ ان كنا نتصور ذلك فحتماً نحن أغبياء.. وان كنا نعلم ان تجاوز هدر الكرامة والإذلال هذا لن يشفيه الزمن وانه سيلقى بظلاله على مستقبل بلادنا فعلينا ان نعلم ان مليون ونصف أسرة ستتضرر من ذلك!!.
والمرق الأخلاقى السودانى يجوس به السوس يحق لنا كنساء ان نتساءل من يستحق الجلد؟ ألا يستحق الجلد من ترتفع عماراتهم الشاهقة كل صباح “المرتفعة منها والمتهاوية” الذين لاتسؤهم رؤية الأطفال الزاحفين وسط العربات يتسولون..؟
ألا يستحق الجلد من لايعلمون ان غالب طلاب المدارس يخرجون بلا فطور..؟
ألا يستحق الجلد من لايجدون حرج فى القروض التركية ولكن يجدون حرج فى عرض مسلسل “مهند ونور”؟
ألا يستحق الجلد من لايترددون فى الصرف السياسي والآيديولوجي والدعائي، وفي الصرف على الأمن والدفاع ، بأعلى مما لايقاس بالصرف على التنمية المتوازنة وعلى الصحة والتعليم والرعاية الإجتماعية.؟
ألا يستحق الجلد من خصصوا ميزانية الصندوق القومي لدعم الطلاب83 مليوناً! وميزانية القصر الجمهوري 235 مليون جنيه .فى العام 2009م.
الا يستنتج هؤلاء إنهم يرمون بمستقبلنا الى حضن الرذيلة .. ولم هم يسلون السياط على الضحايا!!
ان النسيج الأخلاقى المهترىء يرقع بالإصلاح الاقتصادى والاجتماعى والثقافى وليس بالسياط .. والكرامة التى تنتهكها سياط لاترد ..
لقد آن الأوان لنساء السودان لرفض هذا القانون المحط لكرامتهن لذا فلتتوحد جهود النساء لإسترداد تاريخنا المشرف كحركة نسوية وقفت وقفات صامدة للتغيير ورفع الظلم عن المرأة .
ما تقولي واي
يا الصرختك حرقت حشاي
يا ربي
لامتين اللقا
شان تنختم دمعة بكاي
شان ما نقاسي من اللي كاين في عمرنا
ولا نخاف من اللي جاي
شان نحن بنوت البلد.. نقدل
وانظم لي غناي
شان عزة ما يهينوها
ساي
ما تقولي واي
ناديتي امك يا الحنينة
وامك الكاتمة القهر بتقول اضاير لي بلاي
ساموها ألوان العذاب
من الختان
حت قالوا عورة ومالا راي
يوم ولعت كانونا للكفتيرة شان ما تسوي شاي
شان تاكلي، شان تتعلمي،
كشوها مرة ومرتين
قالوا المناظر.. ما بتشرف ماها هاي
ما تقولي واي
ما تقولي للجلاد خلاص
في مشهدك هزيتي عرشه من الأساس
كم سوط موجه ليكي يا بت العزاز؟
ما تقولي واي
باكر يكون خطوي اللي جاي
غضبي المحكّر في عروفي
وصوت دواخلي يكون نداي
يطلع مفجّر يكنس القهر
الكريه..
يكسر كرابيجن بحسها في قفاي
ما تقولي واي
يا ربي قبال اللقا
نفتح طريق
نلفا الحريق
نمسح دموع عزة ونفيق
ننهي الكوابيس المقيلة في الفريق
يا ربي.. ما تخذل دعاي!
” الأبيات من قصيدة للأستاذة رباح الصادق

اخر الاخبار