04:50 ص
الثلاثاء 20 أبريل 2021
اعداد : عائشة الحاج
من التحديات التي تواجه النساء في اقتلاع حقوقهن اعتقد انه نوع الخطاب النسوي. فالخطاب النسوي ليس شموليا، بمعني ان قضايا النساء وهموهن في المركز لا تتوافق مع هموم وقضايا النساء في مناطق النزوح والمعسكرات والاقاليم. لذا نجد ان الخطاب في المركز ياخذ شكلا وبعدا اخرا ومطالب مختلفه عن النساء فى اوضاع أخرى فى الريف او مناطق النزاعات.
هناك نساء كثر يعتقدن ان قضايا المراه وحقوقها لا تخصهن، وليست من صميم اهتمامتهن طالما ان هنالك مجموعه من النساء ارتضت ان تتحدث بصوتهت ،وتطالب بحقوقهن . سواء كن متفقات معهن في القضايا المطروحة او مختلفات. فهذه المجموعات النسويه او كما يعرفهن المجتمع بناشطات حقوق المراه او النسويات لهن صوت أعلى من سواهن من النساء.
البيان النسوي نموذجا:
نجد ان البيان النسوي لاقي ترحيبا واشاده من النساء النخبويات والمثقفات، واعتراض علي بعض بنودة من بعض النساء غير المنتميات لقوى سياسية او تيارات نخبوية. ونساء اخريات وجدن البيان النسوي صادم ومخالف للاعراف والقيم السودانيه.
كما ان هناك مجموعات رفضت البيان جمله وتفصيلا لانه يهز ثوابت الدين والاعراف والتقاليد ، حسب مازكرت متداخلات كثيرات في منصات التواصل الاجتماعي. وهذا التباين يدعو الحركه النسويه الي مراجعه خطابها النسوي. فيجب ان يكون الخطاب النسوي اكثر شمولا ويلغي الصراع الطبقية ويعمل علي تمكين النساء جمعيا.
الخطاب النسوي قبل وبعد عهد البشير :
بما ان الاصوات العاليه في عهد الكيزان كانت هي اصوات نساء الحركه الاسلاميه والمجاهدات او مايعرفن ب (اخوات نسيبه )، والموالين لهم في الفكرمن التيار ات الاسلاميه الاخري كجماعه انصار السنه او الاحزاب ذات المصالح التقاطعيه مع نظام الانقاذ فكان الخطاب سياسي عنصري وتمييزى ذكورى بغيض يحجم دور المراه في الحياه السياسيه والاجتماعيه ويفرض علي هويتها طابعا دينيا. لتاخذ الدوله شكلا دينا وبعدا سياسيا لفكرهم.
كما ان الخطاب النسوي المتمثل انذاك في الاتحاد العام للمراه السودانيه كان يدعو الي تجييش النساء واضعاف مشاركتهن. وجعلهم اداه سياسيه تتحكم فيها الدوله. فكل القوانيين المعيبه والتي حطت من قدر النساء كقانون النظام العام مثلا تم تمريرها في عهد الانقاذ تحت ذريعه الدين وتطبيق الشريعه الاسلامية.
اما بعد ثورة ديسمبر المجيده فاخذ الخطاب النسوي طابع نضالي ثوري ، فصاحب هذا التغيير الاجتماعي مطالبه الحركات النسويه بالمناصفه في الحكم والمساواة والحق في الولايه والميراث.
استطلاع أراء بعض النساء فى الخطاب النسوى بعد الثورة :
سالنا الاستاذة اخلاص نمر صاحبه عمود نمريات وناشطه في حقوق المراه والطفل عن رأيها فى الخطاب النسوى الراهن فقالت :
يؤثر الخطاب النسوي سلبا وايجابا في المجتمع الذي ينتشر فيه الخطاب نفسه ويمكن للخطاب ان يصنع تحولات مختلفه في المجتمع خاصه ان هنالك بعض المجتمعات لم تاخد نصيبها من التوعيه ومحو الأمية وهذه ستصبح تابعه لافكار المرأة التي تلقى بخطابها إذ تعتبر ان حديثها مقدسا لابد من الاقتداء به فمثل المجتمع الذي ينتشر فيه الجهل يصبح عجينة سهلة التشكيل في يد الخطاب الذي يسعى للسيطرة على مثل هذه المجتمعات ومن ثم تتطويعها.
لذلك من المهم اولا بناء المجتمعات بالعلم والتنمية والتوعية وهذه من صميم الخطاب الايجابي في المجتمع لانه سيخلق قاعدة ثابتة متسلحة بمفاهيم تتفتح وتزداد كلما زادت جرعة الايجابية.
تقديس المرأة التي تخاطب مجتمعا ما يجب أن ينتهي تماما فالمجتمع هنا يصبح أداة طيعه في يدها ويد من من خلفها مايؤثر على تكوين المجتمعات باجيالها اللاحقة لذلك يجب أن نتخلص اولا من هذه الطريقة غير العادله في مخاطبة المجتمعات
حتى نخلق أرضية ثابتة لجيل جديد يتخذ التفكير منهجا اساسيا لنقل وطرح رؤيته ومن ثم الوصول للخواتيم بقناعة الفرد لا استلاف قناعة غيره.
الخطاب النسوي الان ومع التغيير والمرأة رائدة بلا شك في ذلك، يحتاج من النساء اختيار الكلمات والتعبير والالفاظ ماعونا يسع كل الأفكار بكل تنوعها ويجب أن يترك الخطاب مساحه واسعه لدراسة ردود الفعل التي يتركها الخطاب نفسه وكلما كان الخطاب إيجابي ومليء بالتسامح ويدعوللمواطنه المتساوية والعدالة وتوزيع التنمية والمحبه ونشر السلام كلما كان وقعه في النفوس كصليل الجرس قويا وممكنا وسيفتح آفاق وطرق عديدة للمزيد من النهل.
المرأة التي تاتيها الفرصة لمخاطبة المجتمع النسوي او العام بمختلف اطيافه يجب أن تتحلى بالقبول وضبط الخطاب نفسه ليكون منقي من المثالب
وليس ضروري ان يكون مثاليا لكن فليكن قريبا لقلوب المستمعين ويبشر بالتغيير الفعلي ويمنح الفرص للنقاش والبحث والمشاركة.
نحتاج إلى عدم الأنفراد بالرأي وسطوة دكتاتورية اللفظ، ليس الآن فقط نحتاج لمراجعة خطابنا النسوي إنما في كل لحظة وكل ثانية عند كل سانحة نقتلعها من الزمن لبث الأفكار والرؤى ولابد هنا من ضمن المراجعة الا نقفز قفزا متعمدا فوق الرأي الاخر بل يجب أن يكون المنطق هو المرتكز الأساسي للانطلاق، سواء في الخطاب او الحوار او حتى النقاش في دائرة مغلقة.
وكلما زاد إيماننا بالتغيير والتحول الاجتماعي والسياسي والاقتصادي سنخلق أرضية صلبة للانطلاق نحو الهدف المنشود واهمه التوعية التي ستفتح كل الأبواب المغلقه.
وقد استطلعنا أيضا رأى الاستاذة روح العضوة فى مبادرة الحارسات حول رأيها فى الخطاب النسوى الراهن فقالت:
اذا اردنا الحديث عن خطاب نسوي فيمكن ان نتعامل مع الفترة التي تلت حراك ديسمبر ٢٠١٨ بفترة منفصلة عن فترة الإنقاذ، فبعد كل حراك سياسي واجتماعي ينتهي بتغيير لنظام الحكم القائم ؛ نفترض تغييرات جذرية في موازين القوى السياسية ، ولكن الذي حدث بخصوص الدولة السودانية لا ينطبق عليه ما ذُكر ، فبالرجوع لطبيعة السلطة الحالية (جيش/مليشيا) فانها لا تعطي اي دليل على قيام ثورة، فطبيعة السلطة الحالية ما زالت تُكرّس لنفس المصالح الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لنفس الفئات .
إذن الفترة التي نحاول ان نقرأ فيها الخطاب النسوي هي فترة مضطربة سياسياً واقتصادياً، فلا وجود للدولة الا من خلال الوجود داخل المدن الرئيسية؛ لكن الخطاب النسوي في هذا الوقت - اعني المسيطر منه - يركز فقط على المشاركة السياسية للنساء في هياكل حكم الفترة الانتقالية .
وإذا اردنا إلقاء نظرة عن قرب الاجسام النسوية التي تدعو بمناصفة المشاركة السياسية فهي ليست اجسام متفقة في كل أجنداتها ؛ بمعنى انه يظهر غياب للأجندة النسوية في الساحة السياسية السودانية ، فعند صعود نساء لهياكل السلطة، فانهن يفضلن الانحياز لأحزابهن فضلاً عن الأجندة النسوية - الغير متفق عليها اصلاً .
إنما يبدو واضحاً من انتقادات لوجود اجندات نسوية مشتركة ، هو القول بوضع النساء على اختلافهن في بوتقه واحدة ، ولكن الأجندة النسوية هذه نقصد بها تحالف النساء على تأسيس اوضاع قانونية ملائمة لكرامة النساء من دون وضع الأيديولوجيا في اعتبارنا ...
الخطاب النسوي في هذا الوقت يحتاج لمزيد من المراجعات والنقد، وأول ما يمكن ان ننقذه هو الارتباطات الإسلامية بأوضاع النساء ، فيجب نقد كامل للمنظومة الدينية التي أنتجت القهر الذي تعايشه النساء يومياً، على النسويات ان يقران هذا التفسير وعليهن تبسيطه للمجتمع السوادني، بالاضافة لنقد العلاقات التي تتداخل بين قمع النساء وتفسير النصوص الدينية ، من ثقافة تكرس لدونية النساء وعادات ولغة مهينة.
وقد استطلعنا أيضا رأى الاستاذة سميه عوض محمد احمد ، المهتمه بقضايا النوع الاجتماعي والناشطة في مجال حقوق المراه حول الخطاب النسوى ما بعد الثورة فقالت :
ان الخطاب النسوي عادة ينطلق من زوايا سياسيه ومرحليه ولكي يؤثر على مجتمعنا ويكون فعالا لابد أن يستصطحب تغيير السياسات على مستوى تغيير القوانين والدستور على سبيل المثال.. والخطاب نعم يحتاج إلى مراجعه لكي يصبح شاملا يجب أن يستصطحب أدوار المرأة في كل المجالات الثقافيه الاجتماعيه الاقتصاديه الاعلاميه الفكريه العلميه البحثيه الإبداعي.
اما الاستاذة أمانى إدريس عضو حملة قدامية وناشطة فى العمل العام فقالت :
ان الخطاب النسوي قبل الثوره كان ممنهج و موجه ضد النساء بصوره واضحه و كان بعمل لي كسر شوكه النساء و ده من الاسباب الخلت النساء يثورو بي قوه على النظام البائد و الآن الخطاب في السوشيل ميديا ما زال موجه ضد النساء لكنه اقل حده..
باثر بي طرق كتيره جدا منها التعاملات في الشارع مع النساء و العنف الممنهج داخل المنازل و خارجها لي الأفضلية الذكوريه في بيئة العمل و توزيع الفرص و الثروات كلها يحكمها الفكر البطريكري العقيم.
اما الاستاذة نجاه الياس عضو الاتحاد النسائى فقد اشارت الي ان الخطاب النسوي بشكله الحالي يحتاج الى مراجعة وذلك بتبني استراتيجية تحررية تقدم ادوار لنساء سودانيات لديهن منهجية علمانية تستجيب للمشاركة في نظام ديمقراطي يعطي كل امرأة فرصة لتحقيق الأفضل بما يجعلها تعرف وتحترم مكانتها الطبيعية والتي تتجاوز كافة الاشكال المنقوصة في توجهات الدولة والأحزاب السياسية والحركات الدينية المتشكلة عبر الطوائف ورسوخ نظرتها الدونية للمرأة وتقدم لنساء مارسن حرية القرار والاختيار ورفضن الاهانة والتقديح.
يجب ان يتعود الخطاب النسوي على صياغة رسالة تسلط الضوء على واقع تحرير جميع النساء السودانيات من الطبقات الكادحة والفقيرة واللاتي يعانين من ويلات الحروب والتهميش واللامساواة. ولا يمكن ان يتحقق ذلك الا بتحرير الخطاب النسوي من دائرة التخلف الثقافي والاعتراف بحقوقها في المشاركة في القرار وفرصها المساوية في حرية التفكير والتعبير.
فالاستراتيجية التحررية للخطاب النسوي السوداني لا يمكن ان تنجح في المطالب الجزئية ( تعديل قانون الاحوال الشخصية، المساواة في فرص العمل والتعليم والاجور ...الخ) الا اذا انطلقت من اطار معرفي جديد يدعم المراة ويزيل كافة اشكال التمييز.
ان مراجعة الخطاب النسوي تعني انتاج خطاب تشارك فيه المرأة السودانية كطرف منتج خلاق بتجاوز موضوعي لكافة التكوينات الثقافية التي تصوغ خطاباتها الذكورية والابوية حسب حاجاتها السياسية.
واخيرا اي استراتيجية تحررية للمرأة السودانية لا يمكن ان تشيد الا بازالة كافة أشكال القهر الذي تتعرض له المرأة وتوظيفه باعطاء المراة حصانة فكرية وثقافية واجتماعية تحول دون اختراقها من قبل النزعات الدينية. فالتحدي الذي يواجهه الخطاب النسوي هو ايجاد صياغة تؤثر ايجابيا في مجتمع يجد راحته في الثبات وصياغة لخطاب تدفع به الى احترام المرأة المتطورة ذات الاحلام غير المعتادة والطريق غير المألوف.
ما خرجنا به من هذا الاستطلاع يؤكد على حتميه مراجعه الخطاب النسوي لمواكبه التغيرات الاجتماعيه والسياسيه التي حدثت في السودان علي ان يكون خطابا غير نخبوي يستوعب كل النساء مع مراعاه عدم الوقوع في مواجهه عداءيه مع الدين والعادات والتقاليد في المجتمع السوداني الذي يعتبر الدين هويه والعادات والاعراف ثوابت لا يمكن تجاوزها وبالتالى سيكون من الصعب الدخول في صراع مع المجتمع لتحقيق تغيير اجتماعي. ! فكيف اذا كان هذا التغيير يخص المراه التي تشكل بجنسها احد تابوهات هذا المجتمع؟! ولذلك فإن هناك حاجة إلى إيجاد خطاب نسوى يصنع التوافق ويضع استراتيجيات للتغيير تشمل كل النساء السودانيات.