قصة قصيرة

رسالة لرجل بيني وبينه وريد و عصب

08:30 ص

الثلاثاء 04 مايو 2021

بقلم انعام النور

إهداء للذين يتجرعون ما تحمله جيناتهم الوراثية مع كل نفس يستنشقونه بغية الراحة ويزفرونه بكثير من الجهد لكي لا تستوطنهم الرغبة بقتل جدهم الأكبر كل خيبة.
#الوريد
ممرات الحب لايشترط فيها السعة والضياء ، ممرات الحب كل ماتحتاجه دماءآ معجونة بمن نحب ونبضآ يحمل الشفرة الوراثية الخاصة بنا الملتصقة بشفرة من نحب بشدة ، أي بعبارة بسيطة الأوردة (ممرات الحب) هكذا أنت تجري دماءك فيني وتجري دماءي فيك دماء القرابة نحمل الحب لبعضنا بالفطرة أنت حجزت لي زاوية الشقيقات في حجرة قلبك وأنا حجزت لك في ساعات الدعاء المخصصة للأشقاء ، كلانا نحمل الحمض النووي نفسه لأسلافنا فجدك جدي وجدتك جدتي إلا أننا يبدوا نحمل شحنات مختلفة ومتعاكسة أنا أوافق أن الكلاب وفية وأنت تغضب وتقول عنها شرسة ،أنا أحدثك عن خياراتي الحياتية وأنت تجرني رغمآ عني لمربع مفاهيمك في الإستقرار ومايصلح للإناث ،أنا أشكو لك السطو الذكوري وأنت تحدثني عن سنن الزواج في الحياة ،أنا أحترمك لأنك شقيقي بالوريد وأنت ترفق بي كوني صغيرة أحتاج توجيهاتك اللينة ،لا أنت تدرك حجم تذمري من الرجال المتسلطين ولا أنا أدرك حجم تذمرك من أطواري الغريبة وأفكاري التي تضرب معتقدات عائلتنا معآ في الجذور ،لا أنت تستشف من حديثي لعنتي على العادات والتقاليد ولا أنا إستشف من حديثك وجهودك المضنية التي تبذلها لإقناعي بفكرة ما وبأحد ما نعرفه كلينا ،كونك تؤمن بضرورة مروري بالطريق الذي اخترته أنت لأصل للقمة التي أريد أنا في حين أني أرفض كل أفكارك جملة وتفصيلا وأحاول جاهدة توضيح بأني قادرة على شق طريقي وحدي دون الحاجة لرفيق ،الوريد المتصل بيني وبينك يعاني شدآ عنيفآ ،صلة الرحم تخفف عنه قليلآ لكنها لا تعفيه أبدآ من الإنفجارات الفجائية المتسللة مع حديث عابر أو تعليق مستفز من جهتك أو جملة حادة من جهتي ،أو حتى حين نتفق أنا وأنت بأن عائلتنا لا زالت غير قادرة على تقديرنا تقديرآ جيدآ و غير قادرة على الرضوخ لخططنا الإستراجية ،أنت ومشروع زواجك مرفوضا منهم تماما وأنا وسقف طموحاتي الذي يسعون لتحطيمه على رأسي.
ترى يابن دمي هل لكل هذا من نهاية؟
هل لكل هذا السطو المتصلب من قبل عاداتنا وتقاليدنا من رادع؟
#العصب
لك أنت أن تتخيل وضع أعصابنا بالأخص العصب بيني وبينك في حين يعلم والدك أني أشد على يديك بكل أفكاري ومخططاتي لكي تصل لحبيبتك ، أو حين يعلم الذين يغلفوني بالقصدير كوني أنثى ببعض جُملك العارية من ثقافتهم، الواقفة بجرءة أمام شاشتي الإلكترونية لتصفق لي ولتدعمني في غفلة من جدنا الأكبر الذي جلس في سالف الزمن الغابر على صخرة مرتفعة يحمي قَبيلته من مهنة ما أو من خطيئة على شكل تميمة وأورث لنا كل تلك المعتقدات التي دارت برأسه ذلك الوقت (العمل عيب ،النساء عيب ، والحياة إلا قليلا عيب) تحت سطوة الشمس والجهل والغرور والزهو بالذات مطبوعة بطول شريطنا الحمضي ، وما أسوء ماورثنا!
هل تصدق؟
إني أرتعش كورقة عاندت الخريف وظلت مرتبطة بالغصن حتى تلحف بالثلج مذعنآ للشتاء حين أفكر لو أن أحدهم تلصص على هذه الرسالة وأدرك كمية الأشياء التي تحملها حروفها وقلب الطاولة التي تتكئ عليها ردود أفعالنا الشرسة التي نتمرن عليها حيال سطوتهم ومن ثم مزق العصب بيننا بتهمة التآمر على الإرث العائلي ،بتهمة مباركة الحب والطموح ،بتهمة مقاومة السلطة الذكورية المقيتة المنسكبة على رأسي ورأسك .
هناك أمرآ آخر! إقترافي الكتابة ذنب في قاموسهم كذنبك في الحب الذي وافقتك اقترافه خلسة من قناعاتي ربما لأنك وافقتني أشياءا كثيرة خلسة من حمضك النووي أما إقترافي الكتابة عن عتوههم وتجبرنا في مواجهة هذا العتو ولو بدردشات مؤرشفة لا يطلع عليها جدنا رحمه الله ومسخ معتقداته من حبالنا الشوكية ولو برسالة كهذه أيضا، لا والدتك ولا والدتي سيقرأنها يومآ ويضربننا عليها دون الإعتبار أننا راشدان بما يكفي لإتخاذ قراراتنا.

اخر الاخبار