
06:09 ص
الجمعة 06 أغسطس 2021
ديالكتيك الحضور والغياب في اللون والشكل.(١)
في لحظات فُرجتي، وأنا أتفسّح في أعمال (كوثرنا ابراهيم علي)، تطُرف عيني، وتفرح أيما فرح، وتبتهج. ما ضرورة الفن إذاً إن لم يكن إبهاج الحواس. وحين تفرح العين تفرح الروح. تاتي عايزين شنو؟!
في ما يخُصّني فإن أعمال (كوثرنا) تفتح روحي ضلفتين وأبواب كثيرة.
وأنت لا تفرح للعاديّ ولا تنفعل كثيراً للمُتكرِّر، والنكتة وأيّ شيء مُعاد يبهت ويفقد الجاذبية.
كيف تبقى الاستثِارة حيّةً إذاً؟!
بالاستحداث والمُفاجأة والمُكر .. (وتمكرون ويمكر الله وهو خير الماكرين)
لذلك أقول أن أعمال كوثر (تخلع) عيني أولاً بِما فيها من مُكر جديد ..
وهِيَ بِذلك تُبهُجِها وتُضحِكها
الخُلعة جايّة مِن وين؟
جايّة مِن المسافة الكبيرة مِن العادي.
جايّة مِن الجديد .. الذي ينقطع فجأةً عن العادي، ويقفز أمامك باستحداث مُباغِت لمّن قلبك يقول فرررر..
أعمال كوثر الأخيرة تلعب على اللون وعدم اللون؛ والشكل والمِساحة والفراغ تُثبتهم حيناً وتنفيهم حيناً آخرا؛ وتستفيد مِن تناقضاتهم في تصميمها الكُلّي. ليس هذا تعبيراً أدبياً مِن نوع التهويمات التي ترِد في نصوص النقد التشكيلي الدارج-عفواً- أقصد كل كلمة بما يعادلها في تكنيك العمل الفني التشكيلي.
ف(كوثرنا) حين ترسم الشكل أو تلوّن المساحة تستخدم الفراغ الخلفي إيضاً بما صدف أن وُجِد فيه؛ فإن كان لوناً جعلت له فراغاً يحتويه أو لا لون
فأنعمت عليه باللون. وإن كان شكلاً إمّا أثبتته بالرسم أو تركت ما حوله يرسمه. أعني ما أقول. الرسم عند كوثر مقصود والفراغ مقصود، الحضور مقصود وكذا الغياب. اللون مقصود و(عدم) اللون مقصود.
أعمال كوثر تشتغل إذاً على (ال في) و(ال مافي)، على الأسود في حضور الأبيض، وفي غيابه والعكس صحيح. على اللون (ال في) واللون ال (ما في)؛ وعلى الشكل عشان (ال في) يجيب (ال ما في). و(ال ما في) يُؤكّد (ال في)!
(كوثرنا) في حالة رسم متواترة وتبدو أعمالها وكأنّها في في حالة تجريب مستمرّة. ذلك أنّها لا تحتفظ طويلاً بنفس المفردات (الوحدات التشكيلية) إنّما تستثمر مُكرها على
في خلق أخرى جديدة.
وهذا ما يخلعني أو pleasantly surprise me ويخلّي قلبي يقول فرررر.
ذلك ما رأيت وهذا قولي، واللّاهو على ما أقول شهيد ..
—
(١) (مالها كتابتي بِقَت زي كتابة ياسر عرمان كِدا!)
هاشم محمد صالح
سان لياندرو ٤ أغسطس ٢٠٢١م