05:50 ص
الإثنين 06 سبتمبر 2021
عبودة :نزحنا من جحيم الحرب ونذهب للمدرسة دون افطار واتمنى ان اكون طبيب
تريزا : اناشمالية النشأة والميلاد تحولت من موظفة الى لاجئة جنوبية وبائعة للخمور
كلتومة: اعمل بالمنازل ودخلى اليومى لايتجاوز الخمسمائة ولاتكفى لسد رمق صغارى
الخالة كوشي انا اعمل بائعة خمور شغال حلال بضراعى لانهبت لاسرقت وبشترى مواد الشغل من عرق جبينى
سيدة لم نتذوق طعم اللحوم الا فى الاعياد يجود لنا بها ذوى القلوب الرحيمة ومعظم الوجبات رقاب الدجاج واحشائه
تحقيق :ضفاف محمود
سمعت قصص وحكاياتا مثيرة عن عشوائيات الخرطوم التى لم تكن زيارتى لها محض صدفة بل كانت نتاج طبيعى لما سمعته عن تلك المناطق التى يعانى ساكنيها من ويلات العذاب والفقر والحرمان والجوع ونقص الخدمات الاساسية التى لم يتلقاها ساكنى المنطقة من جهات الاختصاص كانت رحلتى الاولى الى جبرونا وهو من اشهر احياءعشوائيات الخرطوم وجاء اسم جبرونا من الترحيل القصرى لساكنى المنطقة ، من موقعهم القديم غرب المنطقة الصناعية الى اقصى الجنوب الجنوب الغربى لسوق ليبيا ومن هنا جاء اسم جبرونا نسبة للقوة الجبرية التى أخلتهم من مكان سكنهم لتلك المنطقة البعيدة والنائية قصص وحكايات ،صادمة أرويها لكم
زيارة عامة
فى البدء قررت زيارة المنازل التى تبدو متهالكة وجذء مشيد بمواد تقليدية مثل الحصير والجولات ومن له الامكانية يشيد منزله من الجالوص وحال تلك المنطقة يغنى عن السؤال قابلنى صبي يافع قال لى انتى ناس منظمات اجبته بنعم قال لى انا اسمى عبدوة وادرس بالصف السادس واريد ان اكون طبيب وهنا شعرت بحزن عميق عبدوة يهاجر من سكنه الى احدى المدارس بالرغم من المعاناة التى يجدها احايين كثيرة يذهب بدون وجبة افطار هو واخوته وايضا تحدثت لى السيدة كلتومة التى زكرت لى انها جاءت الى الخرطوم فرارا من الحروب والمعسكرات لكى تجد الامان فى العاصمة بالرغم من المعاناة ان الامان موجود سردت لى السيدة كلتومة قصتها ان اسرتها جميع افرادها قنتلو جراء جرائم الحروب التى طالتهم وقالت لى عن مصدر دخلها تعمل فى المنازل اما نظافة اوغسل وكى الملابس فى الاحياء واحيانا يتجاوز دخلها اليومى خمسمائة وبعد عناء يوم شاق تقتسم المبلغ مابين المواصلات والمصروف واحيانا لاتجد مايسد رمق اطفالها السبعة وقالت كلتومة نحن لم نتذوق طعم اللحوم منذ زمن طويل الا فى الاعياد يجود بها عليهم الناس فى عيد الاضحى ليس حال كلتومة وحدها هو الاسواء بل حال الغالبية العظمى من ساكنى المنطقة وقالت معظم الوجبات هى البليلة العدسية التى يضاف اليها الزيت والبصل ان وجد ومن ثم القوانص وهى احشاء الدواجن وتعتبر وجبة دسمة بالاضافة الى لحوم رؤوس الابقار التى تباع فى سوق المنطقة احيانا تباع بالكوم اوالمسكول وكلمة مسكول هنا اشارة الى ان الكمية بسيطة وزد الى ذلك انها قسمت الى جزءين ومازال الحديث لكلتومة التى قالت ان الوضع سئي للغاية ومعظم النساء يعملن باليومية فى المنازل وايضا الرجال يعملون باليومية فى مهن هامشية لاتكتفى لوجبة واحدة وبعض النساء يعملن على صناعة الخمور البلدية التى تعتبر مصدر دخل يومى بالنسبة لهن وهن افضل وضع من الاخريات
قررت اقتحام منزل مشيد من الجالوص علمت من ساكنى المنطقة ان صاحبته خرجت من السجن قبل عدة ايام من السجن على خلفية حيازتها كميات كبيرة من مشروب العرقى اقتحمنا منزل تلك السيدة انا ومرافق المدعو تفتيحة استقبلتنا تلك السيدة بحفاوة وهنا همست لمرافقى تفتيحة البت دى منو قال لها ياحجة دى شغالة فى حقوق الانسان جاءت تعرف مشكلتك هنا ابتسمت المراءة ونادت على فتاة عشيرينة يافطوم اعملى جبنة لدكتورة اوشكت ان انفجر من الضحك ، وهنا اشار لى تفتيحة بعدم الضحك مرة اخرى وجاء الخالة كوشى وفى يدها جك مملوء بالماء بالبارد وادار دفة الحديث مرافقى قال لى طبعا خالتى دى شغال خمور بلدية وتقوم بتعبئتها وبيعها وقالت لى يابتى انا شغالة بضراعى حلال لا نهبت لاسرقت بشترى البلح والعيش والجوافة والمعدات يابتى بشتغل بعرق جبينى والشغل دا حار بمر بمراحل ابتداء من الحفرة ومرحلة الشد ثم اتلغليان فى درجة حرارة معينة ومن ثم عمليات التقطير وتليها التعبئة والبيع وطبعا الاسعار غير مجزية نسبة لغلاء مدخلات الصناعة وقالت الخالة كوشى انه مصدردخلها الوحيد ون تركت عملها ستموت جوعا وقالت ان وجدت مشروع اومصدر دخل اخر تتركه ولكن لابديل واصبح السجن مصيرها المحتوم وقالت لى ان الخمور عمل صعب وشاق لكن افضل من العمل اليومية نسبة لانه غيرمجز ولايكفى لوجبة عدس على وحد قولها وهنا قاطعها مرافقى قال لهاكيف التوزيع قالت له طبعا بنوزع بالركشة كميات وقالت بناتها ايضا يعملن معها ،وقالت بلغ سعر القارورة الضغيرة ثلاثمائة وخمسون جنيها وغادرنا الخالة كوشى التى قالت انها تعذبت من الحملات المتكررة والغرامات التى انهكت جيبها وهى لاتستطيع عمل اليومية
معظم النساء ،يعملن فى مهن هامشية مثل غسل الملابس واعمال النظافة وغيرها من المهن التى عائدها لايسمن ولايغنى من جوع لاحظنا الفقر هو الثمة البارزة بين قاطنى جبرونا
اطفال صغير ينقبون فى مكبات القمامة للبحث ،عن نفايات او قطع حديد ،لكى يبيعونها بالوزن ومنهم من يعمل فى المسلخ واخرين يعملون ،فى مهنة غسل العربات والصبية الصغار يعملون فى مهنة مسح الاحذية وغيرها من المهن الهامشية ،التى لاتغنى ولاتسمن من جوع هكذا الحال
الى مكبات القمامة
شاهدت من على البعد صبية صغار ،يلتفون حول مكب القمامةقررت إقتحام المكب لمعرفة يدور داخل لحظة وصولى الجمتنى الدهشة وجدت اطفال ذعب لم تتجاوز اعمارهم السابعة والعاشرة ينقبون وسط هذه القمامة التى تنبعث ،منها روائح نتنة ناهيك ان تدخل يديك استوقفت الطفل الصغير أدومة ،لاحظت عليه علامة الخوف وألارتباك البائن هدءت من خوفه قلت له ماذا يابنى قال لى ابحث الكريستالات الفارغة لكى أجمعه وابيعها واعطى ثمنها لامى ،لكى تأتى لنا بوجبة الافطار ،سألت أدومة أين يدرس قال انه يدرس فى الصف الثانى ولدية تسعة أخوة واحد منهم يعمل ،فى بيع الخرد والثانى يعمل ماسح احذية اى صبي اورنيشك وثالثهم يعمل فى المسلخ المجاور للمنطقة ،وانا اعمل على جمع الكريسالات وسألته بقية إخوته قال أنهم بنات لايعملن رافقنى أدومة إلى منزلهم ،حيث قابلت والدته سيدة فى اواخر الثلاثينات منعمرها وتبدو كأنها فى الستين من عمرها بسبب المعاناة والفقر وبين يديها طفل رضيع ،وامامهانار متقدة من الحطب ،وبها اناء كبير به ماء ساخنقالت انها تريد اعداد وجبة العصيدة لصغارها سألتها عن موطنها الاصلى قالت أنها تسمى مريم موطنها الاصلى دارفور نزحت منه منذ العام الفين وسبع جراء الحروب الطاحنة والموت ،قالت رايت اهلى يموتون أمام أعيينا أنا وزوجى هربنا من ويلات الحرب الى الخرطوم وقالت مريم إستقر بنا المقام هنا حيث المعاناة والجوع والفقر واطفالى يدرسون بالمدارس ،واحيانا كثيرة يذهبون بلا افطار وعند خروجهم من المدرسة يذهبون بحثا عن العمل تركت مريم وشأنها وعدة الى مكب النفايات مرة وبدأت أراغب حركة الصغار وهم ينقبون داخل هذه القمامة بكل فرح وسرور أحدهم وجد قطعة حديد وبدأيصيح بفرح طفولى والبقية يصيحون حظك حظك وقفت لما يقارب الثلاثين دقيقة وأنا أشاهد بأم عينى
تلك الماشهد الصادمة ،خرج أحدهم من المكب ومعه كيس كبير مملوء بالقمامة استوقفته
البيع الميزان
من انت ومااسمك قال اسمى أحمد أسكن حى جبرونا أدرس بالصف السادس ،واعمل على جمع القمامة من المكب ،واحياء الجلابة هى الاكثر والاوفر رزقا فى جمع القمامة النظيفة إستوقفته عند عبارة احياء الجلابة ماذا تعنى كلمة جلابة قال لى ياخالة يعنى أحياء الناس المرطبين بطلعو حاجات سمحة تنفع للبيع طوالى ،قلت له يعنى فى قمامة نافعة أجابنى بنعم وطلب منى الاذن بالانصراف لانه يريد ان يذهب الى الميزان لكى يبيع ماوجده داخل المكب ،ويخرج بمصروفه ،يتردد ذات السيناريو بصورة يومية مع هؤلاء الاطفال الذين لم يعيشون مثل أقرانهم ولم ينالو حظهم من الحياة الكريمة ووجدت الغالبية العظمى ،من ساكنى تلك المنطقة جاءو جراء الحروب والنزوح لتلك المنطقة النائية والبيئة الفقيرة فرارا من ويلات الحرب والموت
قصة تريزا
تريزا سيدة اربعينية التقيتها عقب خروجى من أحد المنازل وتحمل بين يديها جوال كبير به عدد ضخم من قوارير المياه الغازية الفارغة وكان الحمل عصيا نسبة لبنية جسمها المتهالكة حملت معها الجوال سيرا على الاقدام ذهاء العشر دقائق حتى وصلنا الى راكوبة كبيرة مشيدة من الحصير والجوالات ،وسقفها من المشمع لكى يقيهم شر الامطار أنزلنا الجولات ومدت لى تريزا كوب من الماء الساخن طلبت من ان اشرب مقابل مساعدتى لها ،وضعت الكوب على الارض وسألت تريزا التى كانت تجيد اللغة العربية ،قلت لها لماذا جئتى الى جبرونا أبتسمت تريزا واردفت إبتسامتها بأهة وحزن ،وقالت محدثتى أـنها من دولة الجنوب ،إنتماء فقط لكنها شمالية النشأة والميلاد ،وكانت تعمل موظفة ،وقالت تبدل الحال فى العام 2011م عندما تم فصل الشمال عن الجنوب ،قالت بعت منزلى ،وتجمعنا فى نقاط محددة للعودة الطوعية لدولتنا الوليدة عندنا وعدنا ساستنا بأحلام كانت نرجسية وذهبنا الى دولتنا ولكن تحطمت أمالنا بل قلوبنا جراء النزاعات الحروب انفقت كل ما املك وعدت للشمال مرة أخرى صفراء اليدين وعبر المنظمات تم تسكيننا فى معسكرات سودان التى تفتقد لكل شئى قالت تريزا أصبحت لاجئة لا املك شئي وأصبحت فى مهب الريح اليوم اصبحت بائعة خمور بعد ان كنت موظفة فى وظيفة مرموقةلكى أنفق على عائلتى ابيع الخمور التى نقتات من دخلها وأحيانا تداهمنا الكشات وارجعت محدثتى ان الشكات فى هذه الفترة اصضبحت قليلة ،وقالت تريزا عن دخلها اليومى انه وسط نسبة لغلاء الماء ومدخلات صناعة الخمور من ذرة وتمور وحطب اسعارها غالية جدا لذلك الدخل وسط وقالت تريزا أقصى امانيها ان تهاجر الى قاهرة المعز ومنها تطلب اللجوء الى الولايات المتحدة غادرت تريزا الى وجهة اخرى بحى جبرونا حيث قابلت عدد من النساء ،اللاتى يعانين من ويلات الفقر والجوع والحرمان وغلاء مياه الشرب
أمنيات لم تتحقق
جمعتنى جلسة فى منزل إحدى السيدات بعدد من النساء اللائي يشكين لطوب الارض معانتهن من شظف العيش وغلاء مياه الشرب ،معظمهن يعملن خادمات بالمنازل مقابل اجر ذهيد لايكفى لشراء كيس من الخبز وقالت أحداهن كان فرارنا من حجيم الحرب ،جئنا لكى نحقق احلامنا فى العاصمة ولم تتحقق احلامنا سوى الاستقرار من الحرب ونيرانها ولم ينال ابناؤنا حظهم من التعليم والصحة والحى يفتقرلكل شئى أدنى مقومات الحياة لاتوجد ولم ننعم بالكهرباء والماء والطعام والمنظمات لم تحضر الينا لكى ترى حالنا ومعاناتنا التى لم تنتهى
من المحررة
كانت تلك خلاصة جولتنا داخل عشوائيات الخرطوم وتحديدا منطقة جبرونا التى هجر سكانيها الذين جاءو فرارا من الحرب يفتقدون ادنى مقومات الحياة مياه شرب نقية تطفأظمأهم وكهرباء لكى يقرأبها صغارهم ساكنى جبرونا لم تحقق مطالبهم المشروعة من صحة وتعليم الفقر والحرمان والجوع هو السشمة البارزة لساكنى تلك المنطقة ......................